كنتم خير أمة أخرجت لل

Khotba du Vendredi : 07-07-2006  

    الحمد لله رب العالمين. نحمدك ربي ونستعينك ونستغفرك، ونعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيئا ت أعمالنا. من يهد الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد، يصف الأمة الإسلامية بقوله:

    " كنتم خير أمة أخرجت للناس ، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "


    وأشهد أن سيدنا و حبيبنا محمدا رسول الله، هو الرحمة المهداة من رب العالمين للبشرية جمعاء.

    فاللهم صل و سلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله و صحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


    أما بعد، فيا أيها الإخوة والأخوات !

    إن الإسلام منة عظيمة على البشرية، أخرجها الله به من ظلمات الجهل و الظلم إلى نور المعرفة و العدل، كما جاء في قوله تعالى :

    " ياأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم، وأنزلنا إليكم نورا مبينا ".

    و حتى نتبين جليا مدى عظمة هذه المنة، فعلينا أن نلقي نظرة سريعة على حال البشرية قبل الإسلام وبعده، ونرى الإصلاحات الجذرية التي جاء بها هذا الدين العظيم، والتي بها غير وجه العالم.

    فقبل الإسلام، كانت الأمم تزخر في ظل قوانين ظالمة. شريعة الغاب هي التي كانت تحكم الشعوب. لم يكن للضعيف فيها نصيب، إلا الذل والهوان.

    وجاء الإسلام، فارتقى بالبشرية إلى مرتبة الآدمية، وأقر مبدأ الكرامة لكل البشر على مختلف أجناسهم و أعراقهم ، وأعلنها مدوية على مرأى ومسمع كل البشر
    :

    " ولقد كرمنا بني آدم ".....

    و شرف الله هذه الأمة، التي بعثها الله بهذه الإصلاحات الجذرية، بأن رفعها فوق الأمم "كنتم خير أمة".

    هذه الأمة ، " أخرجت للناس ". خيرية هذه الأمة ليست لنفسها فقط ، بل هي " أخرجت
    للناس ". فالمسلم لا يعيش لنفسه ولا لأسرته فقط ، بل يعيش للمجتمع كله. فالمسلم صاحب رسالة ، فهو أداة هداية ، وأداة بسط للعدل والحرية و العيش الكريم لكل البشر. فالمسلم هو الذي نشر في البشرية المبادئ العالية التي كانت تفتقر إليها البشرية ، حتى مجئ هذا الدين القويم، تلك المبادئ المنبثقة من قوله تعالى
    :

    " ياأيها الذين آمنوا لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى "

    والعدل لا مع المسلم فحسب، بل و حتى مع العدو.

    بل وأكثر من ذلك، فالإسلام جاء بالعدل والرحمة لا للبشر وحدهم، بل ويتعدى ذلك ليشمل حتى الحيوان ، كما ورد عن خير الخلق وحبيب الحق ، محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم:

    - " بينما رجل يمشي ، فاشتد به العطش فنزل بئرا فشرب منه، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش ، فقال : لقد بلغ بهذا مثل الذي بلغ بي ، فملأ خفه،ثم أمسكه بفيه (فمه) ، ثم رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له.
    - قالوا : " يارسول الله ، وإن لنا في البهائم أجرا ؟"
    - قال : " في كل كبد رطبة أجر".

    وهذا عمر الفاروق – أمير المؤمنين – يحكم بين أحد ولاته ، عمرو بن العاص والي مصر، ويهودي من رعيته. ابنا المختصمين استبقا، وسبق ابن اليهودي ابن الوالي عمرو بن العاص ، فضرب الأخير ابن اليهودي وقال له" أنا ابن الأكرمين " فيناول أمير المؤمنين ابن اليهودي الدرة (عصا صغيرة كانت دائما مع عمر) ويقول له : "اضرب ابن الأكرمين" ، ويقول قولته الشهيرة :

    " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟ "


    هذا هو الإسلام العظيم الذي جعل من هذه الأمة قائدة للأمم الأخرى و مثلا أعلى لها، حتى يستقيم الناس على نهجها، وتتخلق بأخلاقها، فيسعدوا ويسعدوا جميعا في هذه الدنيا. و تأتي هذه الأمة المختارة لتشهد على الأمم يوم القيامة، كما جاء في قوله تعالى :

    " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس "


    ولا عجب – إخواني أخواتي – أمام هذه المبادئ الراقية ، أن يروي لنا التاريخ أن الشعوب المسيحية و غيرها كانت ترحب بالمسلمين الفاتحين لبلدانهم ، لما شاع في الأرجاء من عدل المسلمين و سماحتهم مع الآخرين ، ومن العيش السعيد في ظل حكمهم ، ولما كانت تعيشه تلك الشعوب من ظلم و استبداد على أيدي حكامهم.
    ذاك الترحيب الذي كانت تحلم به القوات الأمريكية الغازية للعراق ، التي غرر بها من طرف قادتها الخائنين. فأنا يتسنى لهم أن يحصلوا على ذلك الترحيب و ظلم أمريكا وحقدها على الإسلام والمسلمين يعرفه القاصي والداني ، وإبادتها للشعوب متواصلة على مر العصور، بدءا بالهنود الحمر في أمريكا إلى المسلمين في أفغانستان فالعراق ، مرورا بالشعب الفلسطيني في فلسطين؟

    و لقد بهر التاريخ بسماحة الإسلام في التعايش بين مختلف الأديان والأعراق . ففي الوقت الذي كان فيه الصليبيون يشنون حروبا صليبية في المشرق الإسلامي، يدمرون فيها الحرث و النسل ، ولا يمرون على بلد إلا ويتركوه أثرا بعد عين، فينهبون خيراته ويبيدون أهله ويعيثون في الأرض فسادا - كما ورد على أقلام كتابهم- ، كان المسلمون في المغرب وفي الأندلس يضربون أروع الأمثلة في بناء حضارة مزدهرة ، ترفع فيها قيم الإنسانية وحقوق الإنسان ، من تعليم و عمل ورخاء في العيش ، بعيدين عن كل الفوارق السائدة في أيامنا هذه ، والتي على أساسها يحرم المسلمون من فرص العمل ، وتحرم المسلمات حتى من حقهن في التعلم

    وهذا النموذج الإسلامي المثالي استمر في الصدارة لمدة عشرة قرون أو يزيد.

    وجاء اليوم الذي انهار فيه المسلمون تحت ضربات أعدائهم الذين كانوا يتربصون بهم الدوائر، لعوامل عدة لعل أبرزها تفرقهم و انقسامهم إلى دويلات صغيرة متناحرة فيما بينها، وهكذا وجد الذئب في الغنم القاصية ضالته، فافترسها و عبث بها كما يريد، وصار يجول ويصول في الغاب كما يحلو له.

    ونتيجة لذلك ، انتشر الدمار والخراب في العالم ، وكثرت الحروب التي تحصد أرواح مئآ ت وربما آلاف الأبرياء يوميا. وعمٌت المجاعة أغلب أنحاء المعمورة ، رغم تزايد خيرات الأرض و المحصولات الزراعية و الحيوانية. والسر في ذلك أن أكثر من 80 في المائة من الخيرات يسيطر عليها أقل من 20 في المائة من الناس ، يعبثون في حياة البشر كيفما يشاؤون.


    وأما عن اختفاء حقوق الإنسان وعلى رأسها الكرامة الإنسانية، وحتى في البلاد التي تتشذق باحترامها لهذه الحقوق، بل و بالدفاع عنها ونشر مبادئها في العالم، فحدث ولا حرج.

    أيها الإخوة والأخوات قد يتساءل المرء : ما الذي أتعس البشرية رغم وفرة أسبا ب راحتها وسعادتها؟

    إنه- ولا شك - غياب القيادة الراشدة وإسناد الأمور لغير أهلها. فغياب الأمة الإسلامية المؤهلة من الحكيم الخبير لقيادة البشرية، جعل الذٌئآب تسوق القطيع إلى موقع هلاكه.

    فالأمة الإسلامية، المكلفة بقيادة البشرية ، والتي تخلت عن مسؤوليتها لها قدر كبير من المسؤولية في تعاسة البشرية اليوم.


    أمام كل الخراب والدمار التي تحدثه يوميا بل وفي كل ساعة- في مختلف أنحاء العالم- الدولة العظمى الوحيدة اليوم ، يتجرأ حمارها (بوش) أن يصف المسلمين بالفاشيين، التي تعني من بين ما تعنيه أن المسلمين يرفضون :

      -الرقي و التطور
      وحقوق الإنسان-
      و المبادئ الإنسانية عامة-

    تصريحا ت نابعة من حقده الدفين و عداوته الصريحة للإسلام والمسلمين والتي سبق أن عبر عنها في أكثر من مناسبة،

    " قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ".

    هكذا نفهم - أيها الإخوة والأخوات - قوله تعالى لأمة الإسلام :

    " كنتم خير أمة أخرجت للناس".



    ما هي صفات هذه الأمة المختارة؟

    تأمرون بالمعروف : الدعوة إلى فعل الخير والقيام به-
    وتنهون عن المنكر : التحذير من عمل الشر و تجنبه-
    -وتؤمنون بالله : أنه هو الخالق الرازق ، وأنه هو المحيي المميت ، و أن له الأسماء الحسنى

    هذه الصفات الثلاث هي كذلك منهجهم في الحياة، سواء مع أنفسهم أو مع غيرهم. كيف يديرون هذه الحياة، التي جعلهم الله فيها قادة وهداة ومرشدين؟ يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله.

    أيها الإخوة والأخوات
    يقول العلماء أن هذه الصفات ، هي كذلك شروط تأهيل هذه الأمة. فهي الشروط لأن يكونوا خير أمة أخرجت للناس".


    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    ---------------

    الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

    أما بعد، فيا أيها الإخوة والأخوات

    لو سمع غير المسلمين هذا الكلام أننا خير أمة أخرجت للناس، لقال القائل منهم
    أنتم خير أمة؟ في ماذا أنتم خير أمة؟

      أوطانكم من الأوطان الأكثر تخلفا في العالم.-
      - شعوبكم من أفقر الشعوب في العالم، رغم كثرة الثروات الطبيعية عندكم. تلك الثروات التي لم تحسنوا استغلالها والتي لم يكن نصيبها منكم إلا النهب والتبذير، حتى صار الغربيون إذا أرادوا أن يمثٌلوا غنيا أحمق، يبذر الأموال تبذيرا ، مثلوه بمسلم.
      - شعوبكم لا يعرفون الحرية، ولا العدالة ، ولا الكرامة. كلهم يزخرون تحت وطأة -الظلم والطغيان، وهم راضون. كل النظم الإستبدادية في العالم زالت، أو في طريقها إلى الزوال، إلا النظم العربية فهي لاتزال في أوج قواتها و عنفوانها، بل وهي تستعد لتوريث تلك الأنظمة الفاسدة أجيالا أخرى.
      - أين كرامتكم؟ وأين عزتكم؟
      ورهينة واحدة من اليهود تفوق قيمتها أكثر من 10000 أسير منكم عند اليهود؟


    أبهذا أنتم خير أمة؟

    فبماذا عساكم تجيبون؟
Auteur : Mohammed Said
Commentaire N° 1 posté le 07-10-2007 par Abou-Abdirrahma
Il est regrettable que les musulmans ont tendance à oublier les grandes valeurs de leur religion comme il est regrettable que les imams n'insistent pas beaucoup sur l'action en donnant des exemples concrets de ce que les musulmans pourraient faire pour améliorer leur existence, mais ils se limitent généralement à la théorie avec de beaux discours mais vides d'effet.



Ne soyez pas passif, réagissez à cet article, en ajoutant votre commentaire

Copyright © CSMB 2010